إسناد عال ونازل (علم الحديث)
جزء من سلسلة مقالات حول |
علوم الحديث |
---|
بوابة الحديث النبوي |
الإسناد العالي في سياق علم الحديث هو الإسناد الذي قل عدد رجاله مع الاتصال،[1] أي قل عدد الرواة في هذا الإسناد فقربت المسافة فيه إلى رسول الله ﷺ، وفي اللغة العالي من كل شيء: أرفعه.[2] والإسناد النازل ضد العالي وهو ما زاد عدد رجاله مع الإتصال، أي بعدت المسافة فيه عن رسول الله ﷺ.[1]
الأهمية
[عدل]يعظم شأن الإسناد العالي عند المحدثين، لما يُفيده من قوة السند بقربه من رسول الله ﷺ، فإن الإسناد كلما بعد عند رسول الله احتمل وقوع الخلل من جهة أحد الرواة، يقول الحافظ ابن طاهر القيسراني: «أجمع أهل النقل على طلبهم العلو ومدحه».[3] وقال عنه أحمد بن حنبل: «طلب الإسناد العالي سنة عمن سلف».[4] ويرى البعض أن الإسناد النازل أفضل، لأنه مظنة لاجتهاد الراوي في متن الحديث وتأويله، والرأي الأول أصح.[5]
أقسام الإسناد العالي
[عدل]يُقسم الإسناد العالي إلى ما يلي:[5][1]
العلو بالقرب من رسول الله ﷺ
[عدل]العلو بالقرب من رسول الله ﷺ أي بقرب الرواية منه، وذلك بقلة عدد رجال الإسناد الواحد مع الإتصال والصحة، وهو أفضل أنواع العلو، ويُسمى العلو المطلق، وباقي الأقسام علو نسبي، وقد اختص العلماء هذا النوع بالعناية والتأليف، وأشهرها الأحاديث الثلاثية(1) مثل «ثلاثيات المسند» و«ثلاثيات البخاري»
- مثله:
مارواه البخاري قال حدثنا مكي بن إبراهيم قال حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال: سمعت النبي ﷺ يقول: «من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار»
فهنا نري أنه قد توسط بين البخاري وبين النبي ﷺ ثلاثة رواة.
البخاري ← مكي بن إبراهيم ← يزيد بن أبي عبيد ← سلمة بن الأكوع ← رسول الله ﷺ
العلو بالقرب من إمام من أئمة الحديث
[عدل]العلو بالقرب من إمام من أئمة الحديث يكون بقرب الرواية من أحد أئمة الحديث مثل الإمام مالك وشعبة بن الحجاج وغيرهم إذا صح الإسناد إليهم.
- مثله:
مارواه البخاري قال حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثني مالك بن أنس عن ابن شهاب الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»
فهنا نري أنه قد توسط بين البخاري وبين الإمام مالك راو واحد هو إسماعيل بن أبي أويس.
البخاري ← إسماعيل بن أبي أويس ← مالك بن أنس
العلو بالقرب من الكتب الحديثية المشتهرة
[عدل]العلو بالقرب من الكتب الحديثية المشتهرة يكون بمقارنة إسناد الراوي بإسناد أحد مؤلفي كتب الحديث المشتهرة مثل البخاري ومسلم وغيرهما، بأن يأتي الراوي بإسناد أعلى من إسناد مؤلف كتاب الحديث أو موافقا له، لأن هذا الرواي لو روى الحديث عن مؤلف هذا الكتاب لنزل إسناده درجة، وقد اعتنى المحدثون المتأخرون بهذا القسم، وأصبح له شهرة كبيرة عندهم، وهو ينقسم إلى أقسام:
الموافقة
[عدل]وهي التوافق (أي الإلتقاء) مع المؤلف في شيخه، أي الرواية عن شيخ المؤلف مباشرة.
- مثله:
ما رواه البخاري عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن حميد بن أبي حميد عن أنس بن مالك عن النبي ﷺ قال: «كتاب الله القصاص»
فهنا نرى أن تسلسل السند:
البخاري ← محمد بن عبدالله الأنصاري ← حميد بن أبي حميد ← أنس بن مالك ← رسول الله ﷺ
فإذا روى هذا الحديث راو آخر عن محمد بن عبد الله الأنصاري، فإن هذا الراوي يكون موافقا للبخاري في شيخه، على الشكل التالي:
راو آخر غير البخاري ← محمد بن عبدالله الأنصاري ← حميد بن أبي حميد ← أنس بن مالك ← رسول الله ﷺ
البدل
[عدل]هو التوافق مع شيخ المؤلف في شيخه، أي الرواية عن شيخ شيخِ المؤلف، بعلو درجة فأكثر.
- مثله: استكمالا على المثال السابق للموافقة، بإن يروى هذا الحديث راو آخر عن حميد بن أبي حميد، على الشكل التالي:
راو آخر غير محمد بن عبدالله الأنصاري ← حميد بن أبي حميد ← أنس بن مالك ← رسول الله ﷺ
فيكون الرواي الآخر قد روى عن شيخ شيخ البخاري، أي وافق البخاري في شيخ شيخه، بعلو درجة.
المساوة
[عدل]وهي أن يروي راو حديثا بعدد رجال مساو لعدد رجال إسناد المؤلف
- مثله: أن يروي البخاري حدايثا مثلا بينه وبين النبي خمسة رواة علي الشكل التالي:
البخاري ← أصبغ ← ابن وهب ← مالك ← نافع ← ابن عمر ← رسول الله ﷺ
فإذا روى راو نفس الحديث بنفس عدد رجال إسناد البخاري سُمي إسناده مساويا لإسناد البخاري من حيث العدد، وقد ذكر الحافظ ابن حجر أنه وقعت له أحاديث بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيها عشرة رجال، وهو نفس العدد الذي وقع للنسائي في بعض أحاديثه، فتساوى إسناد ابن حجر مع إسناد النسائي من حيث عدد رجال الإسناد، وقد جمعها ابن حجر في جزء صغير سماه «العشرة العشارية»
المصافحة
[عدل]وهي أن يروي راو حديثا بإسناد عدد رجاله يساوي عدد إسناد أحد تلاميذ المؤلف، أي يتساوى مع تلميذ ذلك المؤلف، فكأن الإمام العالم المتأخر صافح ذلك الإمام القديم؛ لأنه ساوى تلميذ ذلك المؤلف فكأنه صافحه.
العلو بتقدم وفاة الراوي
[عدل]بأن تتقدم وفاة أحد روايين عن نفس الشيخ، أو بأن يتقدم موت الراوي في هذا السند على موت الراوي الذي في السند الآخر، وإن كانا متساويين في العدد.
العلو بتقدم السماع من الشيخ
[عدل]فمَن تقدَّم سماعُه من شيخ كان أعلى ممن سمع من نفس الشيخ بعد ذلك.
وكثير ما يقع التداخل بين هذين القسمين، حتى عدهما بعض العلماء قسما واحدا، ونلاحظ أن فائدة العلو لا تظهر في هذين القسمين إلا في بعض الصور، التي تدخل في أنواع أخرى من علوم الحديث، مثل معرفة من اختلط في آخر عمره ونحوه من الأبحاث. لذلك لم يذكرهما بعض المحققين كالحافظ ابن حجر.[1]
أقسام الإسناد النازل
[عدل]يُقسم الإسناد النازل إلى أقسام خمسة، وتعرف من ضدها، فكل قسم من أقسام العلو ضده قسم من أقسام النزول، وهي كما يلي:[1]
- النزول بالبعد عن رسول الله ﷺ: وهو البعدُ من رسول الله بكثرة الوسائط ويُسمى النزول المطلق، وباقي الأنواع نزول نسبي
- النزول بالبعد عن أئمة الحديث
- النزول بالبعد عن الكتب الحديثية المشتهرة
- النزول بتأخر وفاة الراوي
- النزول بتأخر السماع من الشيخ: فمن تأخر سماعه من الشيخ أنزَلُ ممن سمع من ذلك الشيخ نفسه متقدِّمًا
انظر أيضا
[عدل]وصلات خارجية
[عدل]هوامش
[عدل]1 الأحاديث الثلاثية هي ما كان عدد رواتها بين مؤلف وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة.