حركة حماس كما يراها الشيخ أحمد ياسين ح8
مقدم الحلقة | أحمد منصور |
ضيوف الحلقة | الشيخ أحمد ياسين/ مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس |
تاريخ الحلقة | 05/06/1999 |
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج ( شاهد على العصر )، حيث نواصل حوارنا مع (مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس). الشيخ أحمد ياسين مرحباً فضيلة الشيخ إحنا توقفنا في الحلقة الماضية عند أحاديثك التي أدليت بها إلى الإعلام الإسرائيلي ودخلنا في مرحلة 94، أو نقول قبلها بداية إرهاصات اتفاق (أوسلو) كيف كنت تتابع اتفاق (أوسلو) ومؤتمر مدريد من بدايته؟ وانطباعاتك عن هذه الأمور؟
أحمد ياسين: والله أنا كنت أرى أن مؤتمر مدريد لم يصل إلى شيء، لإنه مجرد مظاهرة إعلامية، المقصود فيه امتصاص الشعور الفلسطيني والعربي، وإنه إسرائيل مش جادة في ذلك الوقت لعمل الحلول، وهذا ما صرح به (شامير) فيما بعد، كما قال: كنت أريد أن تبقي المحادثات تمتد لـ 10 سنوات ومدة أكبر، وهكذا كان شعوري في ذلك الوقت، لكن أميركا كانت تريد أن تنهي الانتفاضة الفلسطينية اللي هي سببت لإسرائيل جرح نازف، شوهت صورتها أمام العالم، في الإعلام، في العالم، فكانت أميركا بدها تنهي هذه المشكلة، ومن كان بدأت الخطوط السرية تشتغل حتى وصلوا لاتفاق (أوسلو) اتفاق منفرد لأنه كان العرب داخلين إلى مدريد على أساس سلام شامل، ودائم، وعادل، فصار يوجد سلام جزئي مع ناس وتركوا الناس التانين وصار كل واحد بده يحل حاله مع إسرائيل وهذا ما تريده إسرائيل أن تنفرد في كل واحد على جهة، وتحقق مصالحها هي.
فكان طبعاً اتفاق (أوسلو) في نظرنا اتفاق ظالم وسيئ، لا يحقق آمال وأهداف شعبنا، وأدى إنه يعني يمزق وحدة الشعب الفلسطيني كان في خندق واحد في مواجهة العدو، وأدى إلى أنه يعني يصير فيه تعاون أمني بين اليهود وبين السلطة ضد من يريد أن يعمل وخاصة الحركات الإسلامية على رأسها حماس ضد إسرائيل، فهذا التنسيق الأمني اللي كان موجود بس مش معلن أعلنوه في الفترات الأخير باتفاق أميركا، طبعاً أدى زي ما قلت لك، إلى كشف قضية الاختطاف في (…) وأدى إلى كشف كثير من خلايا الثوريين في (أم تسليمة) من أعمال غير مقبولة أساساً، ربما فيه قضايا أخرى -لا نعلمها إحنا- لكن هذه طبيعة المرحلة والواقع اللي إحنا فيه، طبعاً إحنا رفضنا (أوسلو) لكن لما ايجت السلطة، لأننا لا نريد إشعال حرب أهلية أو قتال، ما اعترضنا السلطة ولا وقفنا في وجهها بل كثير من إخواننا استقبلوهم وساعدوهم وقدموا لهم الطعام، لأن جاؤوا ولا يملكون شيئاً، كانوا في وضع سيء في بدايتهم، وكانوا بيتوقعوا أنه نواجهم بالقتال ونقاتلهم، وإحنا رفضنا الاقتتال من أول يوم، طبعاً هم كانوا في الأول يعني تعاملوا حسن بحسن، وبدأت لما هم يتصرفوا تصرفات سيئة مع الشعب الفلسطيني أو مواقف سياسية تلاقي الشارع ينزل في مظاهرات 100 ألف، 50 ألف في الشارع، فهم أرادوا أن يعني يقسموا هذه المعارضة بمذبحة اللي صارت في مسجد فلسطيني واللي استشهد فيها 13 قتيل، والقضية ما فيش شيء.. ! !
أحمد منصور: هجموا على المسجد واطلقوا الرصاص ؟
أحمد ياسين: هما حطوا جنودهم على أبواب المسجد في الخارج بعيد، ولما بدأت المسيرة تطلع وتمشي أطلقوا النار على الناس ودي طبعاً هم أشاعوا أنهم عملاء الأمن، بس معروف الناس اللي رموهم ما بيشتغلوا في السلطة والناس شايفينهم فهذا طبعاً يعني من باب كسر المعارضة وتحطيمها، ولكن.. وعملوا لجنة تحقيق فيها وحتى الآن بتصدر قرارات لجنة التحقيق في المواجهة اللي هي كانت بتصير، فالسلطة طبعاً كانت جاية تحت شرط أنها لازم تقاوم الحركات الأصولية والإسلامية لازم تقاوم التطرف الديني لمصلحة إسرائيل والحفاظ على أمنها، للأسف هم يعني بيسيروا في هذا الخط حسب الأوامر الإسرائيلية والضغوط الإسرائيلية، لكن الظروف الفلسطينية ما بتسمحلهمش بهذا، لأن الحركة الإسلامية لها دور شعبي ودور إنساني، واجتماعي، وتعليمي، ورياضى.. خدمات.. فإذا قضي على هذه الخدمات معناه قضي على نصف الشعب الفلسطيني على الأقل اللي بيستفيد ويعيش في اللـ.. مما لا يستطيع همه يقوموا فيه كمان..
أحمد منصور: لكن هم بالفعل الآن هناك عمليات تقليص وتحجيم وإغلاق للأندية والأنشطة وغيرها من الأمور..
أحمد ياسين: يعني شوف.. هو الإغلاق الآن مش فعال، لإن المؤسسات الإسلامية تعمل كما هي، الإغلاق مجرد إغلاق مكاتب، أما النشاطات فهي نشاطات موجودة وقائمة يعني هي تحايل على أميركا وإسرائيل إنه هانا أغلقنا، لكن الحركات الإسلامية موجودة، نشاطها موجود والنشاط لازال قائم.
أحمد منصور: ما هي أهم السلبيات التي تركها اتفاق أوسلو أو سببها بالنسبة لفلسطين والقضية الفلسطينية؟
أحمد ياسين: أنا في نظرى لأول وهلة تفتيت وحدة الشعب الفلسطيني في المواجهة، ثانياً: القضاء على انتفاضة المواجهة مع الجيش الإسرائيلي اللي كانت تستنزفه تقتل منه كل يوم، فالآن مافيش مواجهة لإنه طلعوا اليهود في المستوطنات في القطاع وطلعوا في قلاع محصنة، يعني مواجهتهم مع الشعب، الشعب هيكون في وضع ضعيف، لإنه مش هيقدر يتحدى القلاع اللي محطوطين فيها والمستوطنات اللي متحصنين فيها، فهذا أضعف الانتفاضة وقوضها السلبيات الثانية إنه هو أصلاً في اتفاقه لا يحقق آمال.. وعند التطبيق لم.. حتى لم ينفذ اللي لا يحقق الآمال.. يعني لم ينفذ إلا القليل القليل، وبذلك أصبح ممسوخ يعني لا يساوي شيء لا.. ليس هناك فلسطيني مقتنع أن هذا الطريق يمكن أن يحقق، أو يعمل سلام، أو يعمل دولة فلسطينية، أو يعمل حدود فلسطينية.
أحمد منصور: هناك مخاطر أساسية سببها اتفاق أوسلو والسلطة الفلسطينية على حركة حماس بشكل خاص وعملها العسكري؟
أحمد ياسين: بكل تأكيد، حركة حماس تأثرت بالتنسيق الأمني بينهم، لأن المعلومة اللي عند إسرائيل توصلهم إياها، والمعلومة يوصلوها لإسرائيل، التعاون الأمني بينهم ضيق الطريق على الكتائب، وعلى المجموعات المقاتلة فأصبحت تواجه من الخلف ومن الأمام في آن واحد، وهذا طبعاً صعب، لأننا نتحرك في كل الاتجاهات، وزاد من مشاكلها.. في الأول كانت تتحرك وشعبها كله وراها الآن على الأقل فيه نص شعبها بيشتغل لصالح السلطة.. يبقى معنى ذلك صار هناك صار صعوبة في كل الحركة في كل الاتجاهات ومع ذلك الحركة صابرة وثابتة وستبقي مقاتلة إن شاء الله تعالي.
أحمد منصور: فترة السنوات الأخيرة من سجنك ولو -رجعنا إليها- ثم نعود إلى تفصيلات هذا الأمر فيما بعد، كيف كان عملية ترتيبات خروجك من المعتقل أمن السجن؟ وكيف تلقيت الخبر؟
أحمد ياسين: كنت أنا في ذلك اليوم نبهت على زوجي إنها مترجعش تزورني صباحاً، وجاني المحامي في (المساء)، كان عاملي عريضة يطلعني من 40 عضو كنيست قلت له أنسي.. هذا الكلام ما يصيرش، إذا ما طلعتش غصب عن اليهود مش هطلع.. كان (المساء) الساعة 8.5 واليهود طلبوني.. قالوا بدنا الشيخ فوق، الشباب اللي عندي مش راضين، بدهم إياهم يجوا يتكلموا عندنا علشان يسمعوا ويشوفوا، فقالوا لهم الشيخ عيان ما بدوش يطلع، بعد ربع ساعة قالوا بدنا الشيخ فوق نتكلم معاه، عايزينه، قالوا لهم الشباب عيان وتعالوا عنده كلموه، (فغابوا) وبعد ربع ساعة رجعوا، فأنا الآن مش سامع، بس ما شو بس بيتكلموا، بس بفهم إن بدهم الشيخ..
أحمد منصور: والشباب ما أخبروك؟
أحمد ياسين: لأ.. بدهم إياهم يجوا عندي، في الآخر يا ولاد إيش بدهم؟ قالوا بدهم إياك فوق، وما بدناش أنت تطلع، بتخليك هنا، طب شفتهم يجوا مرة واثنين، قلت لهم لا خلاص بدى أطلع لهم أيش اللي بدهم إياه.. فآخر مرة بيقولوا يا عم القضية لمصلحة الشيخ خلوه يطلع؟ فطلعت وجت 3 ضباط شرطة، من الشرطة وضابط من الجيش وضباط 2 من الجيش قاعدين، قالوا لي أمامك فرصة حلوة، خير – إن شاء الله – قالوا تروح البيت أوه.. أوه.. هذا.. مليح كويس، قالوا موافق، قلت لهم طبعاً موافق، قالوا الملك حسين عمل مبادرة مع نتنياهو اتفقوا إنك تطلع على الأردن، وبعدين، قالوا أيش بتتفق أنت والملك بيصير.. قلت لهم لأ.. مبادرة أنا موافق أطلع بس، أروح على الأردن وأيش اتفق مع الملك لأ.. من الأن لازم تكتبوا لى ورقة تعهد إني أروح على الأردن زائر، وأرجع على بيتي على غزة ووطني..
أحمد منصور: وكنت عرفت القصة محاولة اغتيال خالد مشعل
أحمد ياسين: لأ.. أنا كنت بعرف فيه محاولة ماكنتش عارف مين وراها.. ، ماكانتش مكشوفة لسه، مكنتش بعرف إن إياها صفقة تبادل بينهم.. قالوا طب ليش الورقة، قلت لهم لابد، بطلع مابديش أطلع.. قالوا فرصة والملك، قلت لهم مين ما يكون، لا يمكن إلا تكتبوا لي تعهد منكم تمضوا عليه أنتوا التلاتة.
أحمد منصور: كانت رتبهم عالية لدرجة إن لو وقعوا تعهد يقرروا ينفذوه..
أحمد ياسين: أقل واحد فيهم 3 نجم والثانين مقصات.. ألوية يعني.. فقلت لهم مش ممكن هذا الكلام، اتصلوا في الجهات العليا، قجعدوا، 3 ساعات في حوار معاهم..
أحمد منصور: 3 ساعات.
أحمد ياسين: 3 ساعات.
أحمد منصور: كان محور الكلام أنك ستذهب إلى الأردن، ونتفاوض هناك على قضيتك.
أحمد ياسين: عمان بدهم.. يحطوني تحت الأمر الواقع قلت لهم لا.. تكتبوا لي من هنا تعهد، قالوا.. قلت لهم، ما أطلعش، ما بديش أطلع مين قالوا بدي أطلع، طب ما انتوا حاولتوا 100 مرة تطلعوني غزة وأنا رفضت، انتوا بتفكروني أهبل، مش أطلع ولو أسلمكم حياتي، فالضباط بيقولي الله أكبر.. أنت بدك تشنقنا، قلت له هذه حياتي بس ما بدكش إياها مستقبلي، في الآخر رضخوا، جابوا ورقة وكتبوا، كل ما يكتبوا شيء مش كذا.. أقولهم لا غيروا.. لا أكتب كذا.. بعدها قلت لهم مفيش فايدة لازم أكتب اللي بيريحني أنا.. ما أكتبش اللي تكتبوه أنتوا، بالفعل، بالأمر كتبوا اللي بدي إياه.. وقلت لهم وقعوا عليه.. قالوا طيب وبعد شوية، قلت قالوا طيب نوقع لك عليه.. قالوا خلاص قلت لهم لا.. لسه.. أنا بدي المرافقين معاي يطلعوا معاي لأنهم بيخدموني وبيعرفوا لي.. قالوا: نعم ؟ ! قلت لهم هاي اللي بيصير ما بدكوش ما ليش صالح بلاش أنا ما بديش أطلع..
أحمد منصور: يعني حظ المجموعة هذه التي كانت تخدمك في ذلك الوقت..
أحمد ياسين: آه، فقالوا: طب كم اللي معاك إيش محكومين، واحد منهم محكوم 12 سنة، مضى 3 سنين، واحد محكوم 8 ومضى 5، فقالوا: لا.. قلت: وأنا ما أطلعش خلاص، لمالقيتهم متشددين قلت: هلا بدي واحد، قالوا: خلاص بنعطيك هذا، فوافقوا على اللي هقضي 5 سنين، وقالوا لي خلاص بيطلع معاك، قلت: خلاص ماشي ورحنا الغرفة.. وأخذنا الأوراق وطلعنا.. ومشينا في السيارة إلى المطار ومن المطار إلى الأردن، كان الملك مستني في المطار، مجرد ما وصلت الطيارة طلع سلم على، وهناني..
أحمد منصور: بالتفصيل – بعض الشيء – أذكر لنا كيف خرجت من المطار إلى.. من السجن إلى المطار؟
أحمد ياسين: أولاً لما جيت على الغرفة هم كانوا يقولوا عوقتنا، معادنا راح، لأن معادهم عليَّ زي ما تقول الساعة 12 يكون في عمان أو واحدة تقريباً، فأخذوا الشباب اللي عندي، طلعوا اللي ما بدهمش يطلعوه بره، مش عارف أيش الدعوة هو.. يطلعوه بعيد.. وإيجوا للشاب اللي بدي آخذه معاي قالوا له أنت بدنا نطلعك تروح على بيت لحم، والشيخ بده يروح غزة فقلت (…) يعني أوهموه شاب مش عارف في هذا.. فالشاب لما شاف إنه بده يطلع معاي فانبسط فجه (يبوس) في، المهم لمينا الحاجات الضرورية وسيبنا كل شيء هناك وطلعنا الحمد لله، ركبنا السيارة.. وين الورقة كان عندي عرباية للدورة هناك كويسة، فملاقينهاش، كانت في المخزن فمعرفوش يجيبوها عطوني عرباية من التعبانات هذه، فبعدين طب هاتوا الورقة، قالوا: لأ لما نوصل بنعطيك إياها.. لما وصلت المطار، ونزلت من المطار على الطيارة وصلنا الطيارة الأردنية، وين الورقة؟ !سلموا عليَّ الأردنيين.. وين الورقة؟ ! قالوا: لأ مش مهم ! ! قلت لهم والله منا طالع، وما بطلعش هاتوا الورقة اللي كتب..
أحمد منصور: وقعوا عليها نفسها..
أحمد ياسين: فجابولي إياها مش موقعة، فبدلهم إياها، قلت لهم: لا ما أقبلش هذا الكلام، أنكم توقعوها، إيجا قائد المنطقة الجنوبية ووقع الورقة وجبلي إياها قلت بدي الاثتين التانين يوقعوا.. قلت له ما بطلعش.. جاءني الأردني قالى يا أخي الأمور مسهلة، وأنت طالع في كفالة الملك، وإيش بدك إياه بيجيك لعندك، قلت له والهويات.. أنس بدي أطلع والهويات معك ما أعطونا هويات وإحنا طالعين.. قلت له ما أطلعش بدون هويات.. قالي: ما تخافش، بتجيك لعندك الهوية، وأنت في عهدة الملك، قلت: أنت متعدين بالكلام هذا؟ قال: أه قلت: خلاص بيكفي، هاي الورقة هذا، وفعلاً طلعنا المطار في هذه الليلة ووصلنا عمان –زي ما قلت لك- لقيت الملك مستني في المطار طلع هنا بالسلامة، ونزلنا إلى مدينة الحسين الطبية، ونمت على السرير، ورجع ثاني سلم عليَّ وأنا على السرير هناك، الحمد لله وكانت يعني إفراج بالكرامة، كان لها دورها لم تعط -إن شاء الله- ولم…
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل كان أحد من حماس، مكتب حماس في الأردن في استقبالك مع الملك ومع..
أحمد ياسين: طبعاً إخواننا كلهم كانوا ومع.. بيستنوا هناك وإيجوا في نفس اللحظة وسلموا.
أحمد منصور: يعني تم ابلاغهم والسلطات الأردنية؟
أحمد ياسين: الإعلام.. الأخبار تكلمت هذا فوراً، وهما ماكناش سامعين هذا الكلام، لأن الولاد بيستوني أرجع أتعشي، لما إيجا اتعشينا المغرب كان في صحن أنا قلت لهم يا ولاد قسموه 3 مرات بلاش نأكل مرة واحدة، خليه لآخر الليل فأنا طلعت فوق ما بأسمعش الأخبار، والأولاد مشغولين مسمعوش الأخبار، واتاري الأخبار بتبطنطن في الموضوع من (…) كان الإعلام واضح إنه فيه إفراج وفيه هيطلع الشيخ أحمد.
أحمد منصور: هذه كانت المرة رقم كام التي تكون فيها محاولات للأفراج عنك خلال فترة السجن، وتم الإفراج فعلياً؟
أحمد ياسين: يمكن تكون هذه الخامسة أو السادسة.
أحمد منصور: الخامسة أو السادسة، ما سبق، كان أنت حدثتنا عن أكثر من عملية عسكرية طلب فيها الإفراج عنك.
أحمد ياسين: قلت لك العملية الأولى كانت (…) والثانية اللي هي الشباب بتاع القدس اللي اختطفوا الباص واستشهد اثنين، والثالث الشهيد الحي، بعدها في عمليات تخطيطية اكتشفت قبل ما ينفذوها الشباب، حوالي محاولتين أو ثلاثة كمان.
أحمد منصور: كشفت من الإسرائيليين.
أحمد ياسين: آه عن طريق العملاء يعني انكشفت.
أحمد منصور: عن طريق العملاء! !
أحمد ياسين: والأخيرة هذي بتاع الإفراج اللي هي في الأردن وغزة..
أحمد منصور: بعد وصولك إلى الأردن، كيف علم الرئيس عرفات أو كيف جاءك الرئيس عرفات ومتى تقريباً؟
أحمد ياسين: طبعاً كان عرفات موجود في مصر فبلغوه أن الشيخ وصل القاهرة، فطبعاً لما كان جاي على الأردن..
أحمد منصور: فوجئ طبعاً..
أحمد ياسين: فوجئ هو في نص الليل بالخبر، بلغوه جه، فلما وصلت، وصل الأردن، كان جاي زيارة للأردن جاني هو والملك حسين على المستشفى سلموا عليَّ، الملك سلم وانسحب.. وهم ظلوا عندي للتسليم وقعدوا فترة ومشوا..
أحمد منصور: بعدكم يوم، رجعت إلى غزة أو…
أحمد ياسين: بعد خمس أيام في اليوم السادس…
أحمد منصور: بعد رجوك إلى غزة بعد غياب استمر حوالي 8 سنوات..
أحمد ياسين: 8 سنوات ونصف..
أحمد منصور: 8 سنوات ونصف، كيف وجدت غزة بعد عودتك إليها؟
أحمد ياسين: الحقيقة كانت المعالم المادية من بنايات عالية وشاهقة متغيرة البلد، الأكثر أنا ما كنت أتصور إن شعبنا يكون بهذا الحماس، يعني أنا وصلت غزة فوجدت المطار اللي بأنزل فيه الناس فوق بعض، والشرطة منعتهم يوصلوني، وحملوني في سيارة إسعاف سريعة، وجريت بين الناس وسابوا الناس، تمر الشوارع مليانة من الناس اللي انتظروا، وصلت إلى ملعب اليرموك وجدته مزدحم، فوق بعضهم الشباب اللي بيستنوا وصول الشيخ، وقفت أنظر للمنظر فطلبوا مني كلمة فالمشهد أبكاني.. يعني هذا الحماس طبعاً ماكتنش بتصور إن شعبنا عنده هذه العواطف نحو إنسان زى، أنا بعتبر نفسي شو ولا حاجة، شيء بسيط يعني، لكن الحمد لله كان استقبال ضخم وعدت إلى البيت، وكانت الوفود بيتي ما وسعش فخرجت إلى ملعب نادي المجمع وقعدت فيه علشان أستقبل الناس، قعدت قرابة شهر والوفود تأتي من كل مكان، وأنا مقدرش استقبلهم إلا في الملعب واستمر في البيت الوفود من كل مكان حتى الحمد لله.. ييجك طابور مظاهرة كله على الملعب 4 باصات، 5 باصات.. كان الحمد لله يعني…
أحمد منصور: شعورك كان أيه وأنت حينما دخلت إلى السجن لم يكن الحماس بهذه الطريقة التي وجدتها بعد خروجك؟
أحمد ياسين: فهو أنا لما دخلت السجن أنا كنت بشتغل بشكل سري ليس معروف إني أنا أحمد ياسين الفلان اللي قام، وليس أحمد ياسين اللي له دور في الانتفاضة.. فلما دخلت السجن انكشف كل شيء إن هو اللي كان الـ… والشعب الفلسطيني كان يدرك ويعرف في غزة مين هو أحمد ياسين وايش دوره في العمليات، هو وراء كل هذا الشغل اللي كان.. ثم مصداقية (حماس) في الشارع وجهادها وصبرها، وموقفها مع الفقراء والمحتاجين والتعليم أدى كمان إلى دوره في الشارع الفلسطيني، والحمد لله هذا من فضله، يعني.. ممكن زرع وما يطلعش الزرع.. ممكن نزرع وربنا ينمي، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى.
أحمد منصور: كيف وجدت العمل الإسلامي أو حركة حماس بعد خروجك؟
أحمد ياسين: كانت في وضع يعني صعب، لأن السلطة كانت ضرباها ضربة قاسمة في العام 96، كانت معتقلة لها حوالي ألف من قياداتها ورموزها، بتتابع بشكل أمني أفرادها، بتهدد الأفراد في نشاطاتهم، فيعني كانت في وضع يعني لا تحسد عليه، ولذلك يعني بعد خروجي صار لها شوية نعنشة، وتنفسوا الصعداء إن شاء الله.
أحمد منصور: هل رجعت إلى العمل بشكل مسؤولية بعد خروجك ؟
أحمد ياسين: طول عمري في العمل.. يعني وجودي في بيتي أنا فيه عمل، مفيش ساعة عندي فاضية، بيجيني المسلم يشكو شكواه بيجيني الفقير بيشكو شكواه، بيجيني أبو السجين يشكو شكواه، بتجيني المطلقة شكواها، أنا كل بيتي مفتوح لكل الناس على كل مستوياتهم، للأرملة والفقير، والتعبان، والمريض، واللي بده علاج، واللي عنده مشكلة إسلامية، واللي بده وضع إسلامي، واللي بده أزور المنطقة، واللي بده يعمل لي.. الشغل يأخذ كل وقتي.
أحمد منصور: أنا أقصد حماس من حيث البناء، يعني أنت دخلت في البداية إلى السجن، وخرجت فوجدت حماس جهاز سياسي وجهاز عسكرى، والانتفاضة أعطت إلى حماس زخم عالمي واسم عالمي كبير، يعني كيف رأيت البناء التنظيمي للحركة بعد 8 سنوات ونصف قضيتها في السجن..؟
أحمد ياسين: البناء التنظيمي للحركة هو نفسه في كل خطوطه بس اتسع.. اتسع للجمهور، يعني إذا كان أنا دخلت السجن وحماس بتشكل مثلاً في قطاع غزة 5 آلاف واحد مؤيدينها بيتحركوا 10 آلاف طلعت لقيت عشرات الآلاف من الناس بيؤيدوا حماس وبيتحركوا في مجالها.. فتساع القاعدة واتساع الجمهور واتساع الأنشطة، هذا هو اللي أنا وجدته بعد خروجي من السجن من فضل الله سبحانه وتعالى.
أحمد منصور: هناك محور مهم هو محور الفلسطينيين داخل السجون وأنت قضيت شطرمن حياتك داخل السجون، كيف يتم التعامل بين الفصائل المختلفة والتجمعات المختلفة داخل السجون؟
أحمد ياسين: لا في السجون هناك قواعد ثابتة للجميع، الكل يتعاون، والكل يتفاهم والحوار أن يبقى في داخل السجن صف واحد في وجه العدو، لا يسمح بالشجارات ولا يسمح بالقتال..
أحمد منصور: لكن يقال أن هناك صراعات تتم مثلاً ما بين فتح و حماس وكذا وتصل إلى حد التعذيب والضرب..
أحمد ياسين: كانت في فترات سابقة، كانت في فترات سابقة لما كانوا في فتح مسيطرة في السجون، كانت تتعامل معنا بشكل يعني مش طبيعي، بس مش كل القيادات، هي قيادات بتكون سيئة وفيه قيادات منهم طيبة تتعامل معاك بمنطق الأخوة، لكن بعد الأفواج اللي طلعت منهم من السجن، والآن اللي غالب السجون هي حماس يعني، مش همَّ، فالعلاقة موجودة طيبة وإحنا ما بيهمنا مشاكل، ولا كل الفصائل بيهمها مشاكل في وجه التعنت الإسرائيلي والمؤامرات الإسرائيلية، علشان هيك بقول السجن هادئ وجيد كله حلقة واحدة.
أحمد منصور: أنت ذكرت أن هناك خرجت فوجدت أن هناك ألف من المعتقلين تقريباً من حماس في السجون الإسرائيلية..
أحمد ياسين: لأ..لأ.. كان طالع منهم عدد كبير، بس يعني أنا قلت كانت الضربة جعلت الحركة في وضع لا يحسد عليه، لما أنا وجدت في السجن كان حوالي 150 لما طلعت..
أحمد منصور: علي أي الأحوال عمليات الاعتقال هذه التي تتم لحماس وفي نفس الوقت، حينما كانت تحت الاحتلال كانت تتعرض لنفس الضغوط تقريباً، كيف توازن ما بين الأمرين؟
أحمد ياسين: شوف الضغط اللي بيجيك من أهلك غير اللي بيجيك من العدو، من أهلك، أهلك بينقسموا قسمين قسم معاك وقسم عليك، لكن مع العدو كل أهلك معك، وهذا بيديك دافعة أقوى، لكن لما يصير قسم من أهلك عليك هذا بيخليك في وضع نفسي مش طبيعي، لأنه أخوي بيقف ضدي، ابن عمي ضدي، إنه اللي أنا أملي عليه صار عليَّ، هذا صعب على النفس.
أحمد منصور:وكيف تتعامل حماس مع هذا الواقع ويعني كيف تتعامل معه مستقبلاً، من المؤكد أنه في حالة الاحتلال كانت تجد تعاطف من الكل، الآن انقسم تعاطف الشعب الفلسطيني معها، وأيضا عملها بيتقلص؟
أحمد ياسين: هو كان لازم (…) حماس، هذا هو الواقع أن تتفهم الواقع الجديد، تتعامل معاه علي إن هو هيك، وتتحمل وتصبر، أنا يمكن –تذكر- إمبارح في اللقاء قلت لهم، هاي طريق الجهاد اللي بده يجاهد بده يتحمل، بده يسجن، بده يعذب بده، أما ما بد وش جهاد بيروح ينام في دار أهله، طريق الجهاد هو تضحية كله، سجن إلى استشهاد إلى قتل إلى تعذيب إلى آخره، وإحنا عارفين طريقنا واخترناه بإرادتنا، ما حد فرض علينا هذا الطريق.
أحمد منصور: هل تتوقع من الممكن أن يحدث مستقبلاً أي شكل من أشكال التفاهم مع السلطة؟ والسلطة يعني هي تنفذ سياسات وفق اتفاقات وقعت عليها!!
أحمد ياسين: أنا بقول ممكن في كل وقت نتفاهم، ونعرف الخطوط العامة بينا وبينهم، ونعذر بعضنا بعض فيما اخلتفنا عليه، وما يصير ش صدام بينا ، وألا يعتبرونا في خندق معادي لهم، المشكلة أنهم يعتبرونا في خندق معادي زي ما نعادي إسرائيل، وبيعاملونا بالاعتقال زيهم وبالتعذيب زيهم وبالمؤسسة زيهم، وهذا الشيء اللي نقولهم إياه لأ.. إحنا مش في خندق عداء معكم، وإحنا في خندق عداء مع اليهود، فلا تتعاملوا معنا بهذا الشكل .
أحمد منصور: الزخم الذي كانت حماس تحصل عليه في وقت وجود الاحتلال الإسرائيلي، ربما حماس بدأت يعني تتقلص شيئاً فشيئاً، لأن صار هناك سلطة، هناك توظيف، صار هناك أموال، صار هناك رواتب، صار هناك البيت الواحد منقسم، ربما نصفه في حماس ونصفه في السلطة، حتى إنه يقال الآن إن الأجهزة الأمنية التي تعددت إلى 11 جهاز أمني للسلطة يعمل فيها ما يقرب من 35 ألفاً ما في بيت إلا وفيه واحد يعمل في الأجهزة الأمنية !! أما يشكل هذا خطورة علي حماس؟
أحمد ياسين: أنا في اعتقادي إن هذا لا يشكل خطورة لأن النفعي لا يصلح في المواجهة، النائحة الثكلي ليست كالنائحة المستأجرة، ثانياً إنه الـ35 ألف دول ليسوا كلهم معاديين لنا، بل كثير منهم معانا قلباً وقالباً، ثم هذا العدد الكبير وليس وحدة واحدة، (…) فهذا يتقاتل مع هذا، وهذا يتقاتل مع هذا فالأجهزة في صراع داخلي بينهم، ثم هم كذلك ينقمون علي الوضع، لأن فيه ناس بيتميزوا بدرجات وناس تانيين لأ.. ناس بيتميزوا بمعاشات وناس تانيين لأ.. فتجد هم في أنفسهم ناقمين علي أنفسهم، ناقمين علي هذا الوضع، ولذلك هذا الكم لا يشكل خطر، لأنه غير متجانس، لا ينطلق من فهم عقيدي واحد، لا يفهم إلا المصلحة، ولذلك إحنا مش خايفين منهم.
أحمد منصور: هناك كلام كثير حول الفساد الذي عم وطم في مناطق السلطة الفلسطينية..
أحمد ياسين: صحيح.
أحمد منصور: وبعني أصبح الآن ظاهراً، وجود فلل أو قصور متكلفة بالملايين ، ووجود عشش إلى جوارها للشعب الفلسطيني لم يتغير وضعها، ما هو تقييمكم كشاهد علي العصر لهذه الظاهرة؟
أحمد ياسين: هذه الظاهرة سيئة، كل شعبنا بيرفضها، كل شعبنا ناقم عليها، كل شعبنا بيهمس ليل ونهار ضدها، لكن ما في أيدهم إمكانية يغيروها، وما في إيدهم إمكانية يقاوموها، إنما بيتفرجوا وبيتمزقوا من الداخل علي الواقع اللي مش طبيعي اللي بتصير فيه الحياة، وهذا خلى مصداقية السلطة غير واقعية عند الناس، هذا قلص يعني التأييد لها.. لدرجة إن آخر احتفال لحركة فتح انطلاقتها اللي كانت في عام 98 واحد واحد، لم يأت للاحتفال إلا مئات بضع مئات من الطلاب والشباب الصغير، حتى كان أبو عمار يريد أن يأتي للاحتفال فاتصل به المشرفون قالوا له لا تأت، الاحتفال فاشل وليس هناك جمهور من الناس يأتي لحضور احتفال انطلاقة فتح.. معنى ذلك، هذا يؤكد النفور الشعبي من التصرفات اللي تقوم بها السلطة.
أحمد منصور: لكن هل يمكن أن يؤدي هذا إلى انتفاضة داخلية ضد السلطة الفلسطينية في تصورك على مدى الأيام؟
أحمد ياسين: ممكن، لأن الشعب إذا لقي الأمل مغلق، والطريق مغلق، والحياة غير متوفرة له، فبيصير مستعد يقاوم أي إنسان يقف في وجهه، لأن كل إنسان بده الحياة ، ويعيش سعيد كالآخرين، فلما طلع طبقات تعيش في القصور والبذخ وناس مش لاقين ياكلوا هيزيد هذا بكل تأكيد، فأنا نصحت السلطة الفلسطينية
نصحتهم، قلت لهم لا تقسوا علي الشعب، لا تجعلوه ينفر منكم، تخسروا الساحة، أنا مخلص، ولا تقسوا علي الضفة الغربية لأن لها تطلعات أخري تخسروا الساحة…
أحمد منصور: كيف وضح لنا هذا.
أحمد ياسين: أصله أنت عارف فيه هناك كلام كتير، فيه خيار أردني وغيره، الضفة الغربية عاشت فترة طويلة في الخيار الأردني ومع الأردن والناس لما بيضيقوا
من إسرائيل وبيضيقوا من السلطة الوطنية، علي وين بدهم يتجهوا، بيتجهوا لجهة
أخرى، مين أقرب الناس ليهم، الأردن، مع أن الأردن كمان يعني هي صحيح ما بترغبش تتدخل، لكن برضه ما بترفضش إن يكون معها مجال أوسع من المجال الفلسطين أو أرض فلسطين.
أحمد منصور: نعـم.
أحمد ياسين: أليست جزء من القضية الفلسطينية وإذا الضفة بتختار.. يعني هم سقطوا انتهوا خالص، طبقاً التضييق المادي والضرائب والصعوبات الناس ضايقة،
الوضع سيء، لكن يبدو هم مش قادرين يتفهموا الأمور كويس، وإحنا اللهم اشهد بلغنا ونصحنا، إحنا نريد قضيتنا تصل لنتيجة حاسمة، إحنا دعاة وحدة، بيهمنا نتحد مع الأردن، مع كل الدول العربية، أسباب ما نحصلها.. مش قبل.. مش نضيع قضيتنا علي حساب الوحدة، بدنا قضيتنا وبعدين الوحدة.
أحمد منصور: هناك أشياء كثير أو كلام كثيرة بيطرح حول من يخلف السيد ياسر عرفات في رئاسة السلطة الفلسطينية، في تصورك يعني من ممكن أن يخلف السيد ياسر عرفات؟
أحمد ياسين: هناك أسماء مطروحة في الداخل منها محمود عباس، ومنها أحمد القريعي (أبو علاء) رئيس المجلس التشريعي وهناك كلام عن رؤساء الأجهزة الأمنية، (…) ودحلان، هذا الكلام مش معقول.. اللي مطروح أتنين دول اللي في مركز السلطة، وأنا في رأيي اللي بيخلفه هو الأكثر طواعية في يد أميريكا و إسرائيل، والأكثر ليونة، والواضح إن المراهنة بتمشي لأن يكون محمود عباس هو الخليفة، لأن هو المنسق بتاع أوسلو وهو بتاع الاتفاقيات، وهو بتاع المحادثات، فهم مطمئنين إنه يظل في الطريق اللي بدهم إياها..
أحمد منصور: لم تستبعد رؤساء الجهات الأمنية وهؤلاء ربما يكونوا أضبط أو أقدر علي ضبط الشارع الفلسطيني ؟
أحمد ياسين: شوف لسه الناس دول ليس لهم شعبية والشعبية.. فتح لحركة لها شعبيتها، فإذا الحركة ما بد هاش واحد، مش معقول واحد في جهاز أمن بده يصير رئيس مرة واحدة، وفيه ناس قيادين سابقين وفيه ناس مشهورين سابقين،
وفيه ناس ألفه.. ما بيحصل هذا ينط مرة واحدة من ضابط اللي هو المسؤول
وينسى كل الآخرين، ما تقبلش الحركة، ما تقبلش الكوادر بتاعتها. فهذا الكلام
مستحيل يكون من ناس زي دول..
أحمد منصور: طب رؤيتك وتصورك لمستقبل السلطة الفلسطينية كسلطة أو شيء ولد بناءً علي اتفاقية ؟
أحمد ياسين: والله أنا بقول السلطة الفلسطينية مصيرها واحد أن تنقرض إذا ظلت واقفة في موقفها وأسلو مغلق طريق مسدود فبنتي، أو تعود إلي خندق الجهاد وتوحد الشعب الفلسطيني في خندق واحد مع بعضنا ونواجه الاحتلال هذا اللي بيعطيها الحياة .
أحمد منصور: من خلال حواري معك لديك رؤى تحليلية مستقبلية لكثير من الأمور، في خلال مدة كم تتوقع أن يحدث أحد هذه السيناريوهات التي عرضتها
بالنسبة للسلطة؟
أحمد ياسين: والله أنت عارف الأعمال بيد الله .
أحمد منصور: صحيح .
أحمد ياسين: لكن السيناريوهات بدأت وتتحدث من الآن، لأنه الرئيس أبو عمار بدا عليه شويه إرهاق وحركة في الأعصاب بتاعته، فهم اعتبروه انتهى لكن نظري هو له قوي، وأمامه فترة طويلة، يعني هم بدوؤا يتنازعوا قبل ما يحين أوان النزاع والإعلام بدأ يضخم القضية، فعلي أي حال..
أحمد منصور: عملية انقراض السلطة. أيضاً أو..
احمد ياسين: فهو انقراضها إذا بتستمر في طريق مسدود، لا هي بتحقق أمل الشعب الفلسطيني ولا بتحقق مصالح، ولا هي سايبة غيرها كمان يحقق مصالح، فهتصل إلي خانة أنها تنتهي، لكن إذا عادت ورجعت استراتيجيتها للمواجهة مع العدو، وهذا هو الطريق اللي ممكن يصل فيه حقنا، مفيش طريق غيره تاني، أنا
بعتقد إن هو طريق الحياة للسلطة وحركة فتح.
أحمد منصور: هل تعتقد إن هناك استراتيجية لدى السلطة أيضاً للقضاء علي حماس باعتبارها المنافس الرئيسي لها؟
أحمد ياسين: أنا بعتقد يعني إن ابن الوطن وابن الشعب مش سهل عليه يقوم بعملية اجتثاث أخوه، لدرجة أنا بذكر إن فيه من السلطة رجال كانوا (بعض منهم) يلقوا القبض على عناصر من الكتائب، يروحوا يداهموا، يفتشوا وكأنهم ما شفوش حاجة ويطلعوا، يعني يكونوا غير جادين في إلقاء القبض عليهم أو فيه كذا، لأنهم متعاطفين معهم، يعني لا تتم العملية يعني، لا تتم العملية يعني، ليس كل الناس مع الخط اللي بده يقتله، ستجد من عناصرهم من يأتيك ويعطيك الأخبار ويعطيك.. الحقيقة أن أميركا تريد هذا، وإسرائيل تريد هذا، والسلطة واقعة لأن في صفوفها فيه عملاء، مستعدين
ينفذوا هذا لضرب.. لخلق المواجهة وتفتيت الشعب، أنا أن شاء الله أتمني لإخواننا في السلطة أنهم يفيقوا لهذا الوضع، وألا يسمحوا بضرب حركة إسلامية جذورها عميقة، هم أحوج ما يكون إلها في المواجهة مع إسرائيل.
أحمد منصور: حينما أنت أسست أول خلية عسكرية لحماس، من المؤكد أنك متابع ومطلع على الإستراتيجية العسكرية الحالية أو التي تطورت بعد ذلك للحركة، هل وجدت أن هناك استفادة من التجارب، وهناك التجربة أصبحت ثرية ؟
أحمد ياسين: بكل تأكيد.. بكل تأكيد. أنا قلت لك في البداية، جمعنا أسلحة لكن لم نستخدمها، ثم في النهاية بدينا بعدد قليل من الناس، نفذوا عمليات جريئة، ثم بعد اعتقالنا بدأت عمليات أجرأ بإمكانات قليلة من السلاح، بندقيتين كانوا في قطاع غزة، يلفوا قطاع غزة ويطلعوا علي الضفة، يلفوا فيهم الضفة ويرجعوا علي قطاع غزة، العمليات تقوم بالقطعتين هادول، ومن خلال قطعتين استولوا علي قطعة من العدو واشتروا قطعة جديدة، صار عندنا مجموعات وسلاح، وبنهاجم الجيبات ونقتل اللي فيه ونرميه ونصورهم كمان، يقتل كل الجنود اللي في الجيب، نصورهم ويقف علي جثثهم، هذا مرحلة مش سهلة، مش بسيطة.
أحمد منصور: لكن تقلصت هذه المرحلة بعد السلطة.
أحمد ياسين: تقلصت لأن لا نريد المواجهة مع السلطة، لا نريد اقتتال داخلي، مش هي تقلصت، إحنا خففنا وتيرة الحركة .
أحمد منصور: لكن لا يزال حجم الكتائب بالشكل..
أحمد ياسين: لا يهمني الحجم الكبير أنا.. أنا يهمني العدد الذي يجب أن يعمل في الميدان، إذا اتوفر العدد المناسب للميدان، مش مهم الحجم الكبير، لأن الحجم ممكن تجدده في كل يوم، ممكن تطوره في كل يوم ممكن تزيده في كل يوم.
أحمد منصور: هل خيار المواجهة العسكرية وكتائب القسام هو خيار لن تحيد
عنه حماس وخيار إستراتيجي مستقبلي أم أن الظروف يمكن أن تجبركم علي البحث عن وسائل أخري؟
أحمد ياسين: علي أي حال إحنا حتى الآن هاي موفقنا أن الخيار الجهاد هو خيار إستراتيجي لا حياد عنه، إلا إذا وافقت إسرائيل علي الهدنة اللي بنطرحها ممكن
نعمل هدنة .
أحمد منصور: كشاهد على عصر، وعلي قيام دولة إسرائيل في عام 48 ومرور 50 عاماً علي قيام هذه الدولة، ما هي رؤيتك لمستقبلها؟
أحمد ياسين: أنا أقول أن إسرائيل قامت علي الظلم والاغتصاب، وكل كيان يقوم علي الظلم والاغتصاب مصيره الدمار.
أحمد منصور: حتى لو يملك القوة التي تؤهله للبقاء؟
أحمد ياسين: القوة لا تدوم قلت ،قلت أن القوة في العالم لا تدوم لأحد، الطفل يبدأ طفل ثم مراهق ثم شباب ثم كهل ثم شيخ خلاص هيك الدول، هيك عمر الدول، تبدأ وتبدأ وتبدأ تنتهي للاندثار، ما في فايدة.
أحمد منصور: وفي أي مرحلة إسرائيل الآن؟
أحمد ياسين: أنا أقول إن إسرائيل بائدة، إن شاء الله في القرن القادم في الربع الأول منه، وبالتحديد أنا بقول 2027 م بتكون إسرائيل مش موجودة..
أحمد منصور: لماذا هذا التاريخ؟
أحمد ياسين: لأنني أؤمن بالقرآن الكريم . القرآن حدثنا أن الأجيال تتغير كل 40 سنة، في الأربعين الأولى كانت عندنا نكبة، في الأربعين الثانية بدأت عندنا انتفاضة ومواجهة وتحدي وقتال وقنابل، في الأربعين الثالثة تكون النهاية، إن شاء الله تعالي.
أحمد منصور: يعني هذا تقييم من..
أحمد ياسين: هذا استشفاف قرآني..
أحمد منصور: استشفاف قرآني..
أحمد ياسين: لأن ربنا لما فرض علي بني إسرائيل تتيه في سينا 40 عام ليش، ليغير الجيل المريض التعبان ده بجيل مقاتل، وجلينا الأولاني النكبة راح وطلع جيل الأحجار والقنابل، والجيل الجاي هو جيل التحرير إن شاء الله تعالي.
أحمد منصور: كيف تري المستقبل شيخ أحمد ياسين؟
أحمد ياسين: أنا أقول طريقنا صعب ويحتاج تضحيات وصبر، لكنه المستقبل إلنا
-إن شاء الله- هو قادم لا محالة، وعد الله لا يخلف، إن الله لا يخلف وعده أبداً.
أحمد منصور: رغم اليأس الذي يسيطر علي الناس؟
أحمد ياسين: اليأس هذا لا قيمة له عند الناس الذين لا يقودون المركب، إذا كان قادة المراكب لا ييأسون ومصرون علي خطواتهم، فالشارع دائماً وين ما وديته بيروح بيمشي بيجري وراك، يعني أنا باستشف من القرآن الكريم زي ما قال في المدينة، (ما ظننتم أن يخرجوا) يعني المسلمين ما كنوش تظنوا يقدروا يستولوا عليهم.. (وظنوا أنهم ما نعتهم حصونهم من الله) لأن دول معتدين بقوتهم والمسلمين بيقولوا ممكن نقدر، وهو الواقع الآن، يعني صحيح إن الأمة بتاعتنا قادرة تحرر فلسطين، إحنا نشك في حالنا، وإمكاناتنا، وقدراتنا، مستقبلنا، وهم بيقولوا إحنا نملك أكبر ترسانة دولية، مين بيقدر علينا؟! فهم بيعتزوا بقوتهم وإحنا خايفين من ضعفنا، لكن إرادة الله غالبة، وستأتي الساعة التي ينهار هذا الكيان في لمح البصر، لأن الفساد لا يدوم في الأرض، لقد قرر القرآن الكريم أنهم يفسدون في الأرض، أنهم يمزقون القيم في الأرض والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أحمد منصور: بعد 62 عاماً من النضال، والكفاح، والسجون والمعتقلات، والجهلا، ما هي رؤيتك أو شهادتك علي هذه الفترة التي عشتها في حياتك؟
أحمد ياسين: هي فترة حياة في البداية كانت فترة مأساة في العالم الإسلامي والعربي كله، (تصنيع) قلب الأمة الإسلامية والعربية قبلة المسلمين والعالم المتفرج الإسلامي هذه مأساة في تاريخ الأمة وحضارة الأمة، أن تقوم الأمة الإسلامية والعربية بجهد غير متوازن مع العدو، ويتغلب عدو إسرائيلي من خمس ملايين علي الأمة العربية الإسلامية ذات المليار هذه كمان فاجعة أخرى في تاريخ الأمة الإسلامية، لكن الآن يعني المحور بدأ يغير، الشعب الفلسطيني بدأ ياخذ مكانه علي أرضه، وبدأت الأمة العربية الإسلامية تدعم هذا الشعب في مواجهة التحدي حتى يأتي يوم النصر والتحرير اللي بده قوة أكبر.
أنا كما قلت لك أقول إن التاريخ سيسجل لأمتنا صورة سيئة في هذا الواقع (للي ضاع) في فلسطين والأقصى والقدس، وإن شاء الله سيسجل لها تاريخاً ناصعاً بياضاً يوم يأتي يوم التحرير إن شاء الله، يوم تجتمع القوى المسلمة في كل الوطن العربي والإسلامي للوصول إلي الهدف المنشود إن شاء الله، النصر قادم، والأمة تنتفض، والنيام أصبحوا يفكروا ويسمعوا، وأنا في زيارتي للأمة العربية ما كنت أتصور بهذا الحماس وهذا الشعور وهذه المشاعر، والله إنها انتفاضة في وسط الأمة العربية والإسلامية تجدد التاريخ إن شاء الله تعالى.
أحمد منصور: في ختام شهادتك علي العصر، ما هي رؤيتك للحياة؟ وما الذي تتمنى أن تحققه في مستقبل حياتك؟
أحمد ياسين: والله أنت عارف، أنا إنسان عشت حياتي أملي واحد، أملي أن يرضي الله عني، ورضاه لا يكتسب إلا بطاعته، وطاعة الله تتمثل في الجهاد من أجل إعلاء كلمة الله في الأرض، ومن أجل تطهير أرض الله من الفساد الذي يقيمه أعداء الله في الأرض، فإذا ما حققت الهدف الأول وهو تطهير الأرض الإسلامية من الاغتصاب، وقام عليها النظام الإسلامي فهذه هي أمنيتي التي أسعى إليها وأرجو الله أن ألقاه عليها فإذا تحققت فذلك فضله، وإن مت قبل أن تتحقق قد بدأت الطريق وخطوت خطوات( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعملون).
أحمد منصور: شيخ أحمد ياسين (مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس) باسم كل المشاهدين أشكرك علي ما منحتنا من وقت في هذه الشهادة المطولة التي ذكرت لنا فيها خلاصة هذه التجربة، ونسأل الله سبحانه وتعالى لك الصحة والعافية، كما نشكركم مشاهدينا الكلام علي حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في حلقة قادمة مع ضيف جديد وشاهد جديد علي العصر، هذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله.