تجرعت السم الزعاف حتى أتممت قراءة الرواية لغرض في نفسي ظل يساورني طيلة فترة القراءة ، و هو لماذا هذه الرواية نالت جائزة البوكر لعام ٢٠١٥ دون غالطلياني
تجرعت السم الزعاف حتى أتممت قراءة الرواية لغرض في نفسي ظل يساورني طيلة فترة القراءة ، و هو لماذا هذه الرواية نالت جائزة البوكر لعام ٢٠١٥ دون غيرها ؟. وعند مراجعتي للتعليقات المصاحبة لها من بعض الزملاء ، تأكد حدسي ، بان الرواية لا تمتلك ميزة تفوقها و تميزها عن قريناتها ، اذ لم تنل رضا شريحة كبيرة من القرّاء ، و لا يمكن مقارنتها بروايات من الوزن الثقيل ، نالت باستحقاق جائزة البوكر مثل ( عزازيل زيدان ) و ( موت صغير علوان ) و ( ساق بامبو السنعوسي ).
الطلياني هو لقب اطلق على عبدالناصر لوسامته و جمال بشرته ، ابيه الحاج محمود ينحدر من اصوله تركية ، و والدته الحاجة زينة تنحدر من أصول اندلوسية ، وهذا المزيج اكسب الوليد البشرة المميزة دون سائر ابناء والديه .
سردية الرواية على لسان صديق مقرب من عبد الناصر ، و لا علم لي كيف استطاع هذا السارد الجهبذ ان يلم بكل تلك الأحداث الدسمة و التفاصيل المملة و مغامرات الطلياني الجنسية طولاً و عرضاً . مكان الرواية تونس الخضراء و الحقبة الزمنية ثمانينات و تسعينات القرن المنصرم ، أواخر ايام الحبيب بورقيبة ( المجاهد الأكبر ) و بدايات حكم زين العابدين ( الشارد الاول )والذي اطاح بحكم بورقيبة بانقلاب عسكري للاستحواذ بالسلطة .
تبدأ احداث الرواية بموت الحاج محمود والد الطلياني و الشروع في دفنه و إقامة واجب العزاء بحسب التقاليد و الاعراف المتبعة ، و كانت ردة فعل الطلياني غريبة و عجيبة بركل مؤخرة الشيخ علالي ببوز قدمه امام مرأى و مسمع المعزين ، وهذا الحدث الجلل يفصح عنه المبخوت في الفصل الأخير من الرواية ، ليربط ذهنية القارئ - بحسب النظرية المبخوتية - بخيوط عنكبوتية لحياة الطلياني الصاخبة .
بموت الأب و الحادث الجلل الصادر من الطلياني ، يعرج المؤلف لبدايات نشوء الطلياني في كنف أسرته المحافظة ، وسط والديه و اخ يكبره اثنا عشر سنة ( صلاح الدين ) و أربعة خوات ، حوارات ناصر و أخيه الأكبر الخبير الاقتصادي جاءت متكلفة و جافة و خالية من اي مسحة ادبية ، مبارزة و جدال عقيم ما بين الاقتصاد الحر و الاشتراكية الخيالية .
يدخل ناصر او الطلياني كلية الحقوق و ينخرط في التنظيمات الشيوعية المناهض للتيارات الاسلامية و المتمثّلة بالاخوان المسلمين ، و لا أتصور ان الصراع الفكري التونسي يتجسد فقد بالشيوعية و الاخونجية ، كما اراد ان يصورها الأكاديمي المخضرم شكري المبخوت .
يعجب الطلياني بالبربرية التونسية زينة ذات العينين الخضراوين ، و اسمها الحقيقي انروز اخفته لدواعي بربرية أمنية ، ويقوده الإعجاب الى زيجة دامت سنتين لتختتم فيما بعد بالطلاق المؤزر ، و خلال فتره زواجه القصيرة ، يمارس طلياني المبخوت شبق العشق و الغرام مع صديقة زوجته المقربة نجلاء ، و بالطبع العلاقة الشبقة لم تخفَ عن زينة المنهمكة في ارتقاء سلم مجدها التدريسي. وهذا ما لا يستسيغه لا عقل و لا منطق في تجاهل اي زوجة علاقة زوجها بصديقتها تحت اي مبرر.
كل النساء اصابههن شبق الطلياني ابتداءً من جنينة زوجة علالي الدرويش و بنت الشيخ الشاذلي ، مروراً بزينة البربرية و صدقيتها نجلاء ، و انجليكا الإيطالية اخت كارلا زوجة أخيه صلاح الدين ....more
عند تقييمي لعمل عظيم ، اكاد ان استشعر الشلل في يدي اليُمنى وهي تعطي النجمات الخمسة المستحقة ، أجلت قراءتها بعد نيلها جائزة البوكر لعام ٢٠١٧ ، موت صغير
عند تقييمي لعمل عظيم ، اكاد ان استشعر الشلل في يدي اليُمنى وهي تعطي النجمات الخمسة المستحقة ، أجلت قراءتها بعد نيلها جائزة البوكر لعام ٢٠١٧ ، لعلمي المسبق دوي التطبيل و الصخب الإعلامي المرافق لأي رواية تنال جائزة البوكر ، و كأن الجائزة درع واقٍ من اي انتقاد ، او رفعة سموها و علوها عن باقي الاعمال الأدبية .
الحُب موتٌ صغير ... درر الشيخ الأكبر و الكبريت الأحمر محيي الدين ابن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي ، متناثرة في هذا العمل الأدبي الذي قل نظيره ، سيرة متخيلة لابن عربي ، تناولت سفر و تنقلات الشيخ من مدينة مرسية في بلاد الأندلس و حتى دمشق في بلاد الشام .
الرواية تصنيفها تاريخي و سيرة حياة لشخصية جدلية في الاسلام ، ابن عربي الذي أضناه قلقه و اضجعت الوساوس فكره ، يبحث عن أوتاده الأربع في اقصاه الارض ليثبت بها قلبه القلق، يرتحل من بلاد الأندلس الى المغرب و مصر و مكة و بغداد و الشام .
علوان يقدم إلينا سيرة ذاتية تاريخية على طبق من رواية ، مستوحاة من وحي الخيال لابن عربي الذي كثرت أسفاره و واكب احداث و رافق ملوك و أمراء . الروية تناولت ابن عربي الانسان الذي يحب و يكتب و يسافر و يحاور دون الخوض في جدليات فكره او آراءه ، و حسناً فعل المؤلف في تجنب الجدليات التي لا طال منها و لا مناص.
الطالب السعودي المبتعث الى اصقاع كندا ، اجاد في تقفي اثر ابن عربي ، تلك الأسفار التي مضى عليها الزمن لأكثر من ثمانية قرون مضت ، مما لا شك فيه انه عمل مضنٍ في جمع معلومات عن ذاك الزمان من وسائل التنقل و عادات و تقاليد بلدان و مدن عدة زارها ابن عربي و خالط سكانها وأقام في مجالس علمها.
عنصر التشويق متواجد و ملموس ومتناثر عبر أوراق الرواية ، بحث ابن عربي عن أوتاده ، و اكتشاف شخوص الأوتاد بين فتره و اخرى و في بلدان متفرقة ، أضف الى ذاك من عناصر التشويق ، اختفاء الخليفة يعقوب بن يوسف الذي حير شخوص الرواية و القارئ ، ليفاجئ المؤلف قراءة بظهوره مجدداً .
من اكثر الأشياء التي شدتني و استأثرت بها جماً، اللقاء الأسطوري بين الفيلسوف الكبير ابن رشد ( قاضي القضاة فيحينها ) و ابن عربي ( الذي لم يتجاوز سنه العشرين )، ذلك اللقاء اليتيم الذي تنبأ ابن رشد من خلاله بروز نجم ابن عربي في سماء العلم و المعرفة. المؤلف تخيل هذا اللقاء و سطر حوار مذهل جمع قطبي فحول الأندلس .
أيضاً من الأمور الملفتة للنظر و التي جذبت انتباهي ، علاقة ابن عربي بعائلة الشيخ زاهر الأصفهاني في مدينة مكة ، اذ نَهِل ابن عربي العلم من الشيخ زاهر و اخته فخر النساء و تعلق قلبه بابنه الشيخ نظام ، تلك العلاقة التي لم تثمر الى الزواج لأسباب تفصح عنها نظام ابنه الشيخ زاهر فيما بعد . الف ابن عربي اثناء إقامته في مكة ( الفتوحات المكية ) و ( ترجمان الأشواق ) ، و قد سبب كتاب ترجمان الأشواق احراج لعائلة الشيخ زاهر الذي ارتحل من المدينة بسبب فهم العامة من الناس ، ان الكتاب كتبه ابن عربي غزلاً في نظام .
تركيبة الرواية عبقرية تضفي الواقعية الملموسة للرواية و يخيل للقارئ انها حقيقية و صادقة ، ابن عربي يشرع في كتابه سيرته الشخصية في أذربيجان ليكون السارد و البطل في آن ، و هذه السيرة المكتوبة تم تناقلها و شهدت احداث سوريا لحين وصولها الى بيروت عن طريق لاجئ سوري الذي يروم بيعها بمبلغ ٢٠٠٠ دولار .
الرواية تناولت شخصية إسلامية صوفية تاريخية مثار جدل بين الفقهاء ، بين مؤيد لابن عربي و بين ناقد له بوصفه زنديق او كافر ، علوان قدم للقارئ الشخصية على انها إنسانية دون الخوض في آراءه او أفكاره لتلافي الجدل العقيم ، و مع ذلك لم يسلم من انتقادات البعض على ان الرواية جاءت مطولة اذ قاربت صفحاتها على ٦٠٠ صفحة ، والرد على هذا الإنتقادات هو ان سيرة ابن عربي و أسفاره تتطلب هذا الحجم من الصفحات للإحاطة بالموضوع و استيفاءه.
اما الانتقادات الاخرى التي قيلت بان الرواية شبيهة او مستوحاة من رواية ( قواعد العشق الأربعون ) للتركية اليف شباقي ، فمرده ان كلا الروايتين تخوض في عالم الصوفية ، وتناول موضوعها دراويش الصوفية ، لا يقلل من ثقل و وزن رواية موت صغير و ان تقارب موضوعين الروايتين....more
تحفة ادبية لا توصف تنزلت على العالم العربي من نبع الخليج و ارض الكويت ، الكاتب الروائي الشاب سعود السنعوسي استحق بجدارة جائزة البوكر من غيساق البامبو
تحفة ادبية لا توصف تنزلت على العالم العربي من نبع الخليج و ارض الكويت ، الكاتب الروائي الشاب سعود السنعوسي استحق بجدارة جائزة البوكر من غير منازع و أزاح ضجيج جميع الروايات من منافسه روايته ساق البامبو . صراع ذاتي اجتماعي تتخلله احداث دارمية و حبكة و الكثير من التشويق .
بدقة عالية و اسلوب مشوق ، ادرج السنعوسي تاريخ الكويت ببراعة في مسار الرواية ، في محاولة بارعة لتأريخ تاريخ الكويت الحديث ، فقدان ( راشد) في فترة الغزو ، اختطاف الطائرة ( الجابرية ) الكويتية على اثر احداث حرب الخليج الاولى ، محاولة اغتيال أمير الكويت جابر الصباح ، و نبأ وفاه الامير و تشيعه ، احداث عصفت في الكويت ساقها الكاتب ببراعة في النص الروائي .
الرواية تحمل رسالة للجمهور العربي عموماً و ابناء الخليج العربي خصوصاً مفادها الانسانية في التعامل مع البشر لكافة طوائفهم و انتمائهم و اشكالهم و عدم الاستعلاء و التعالي ، عيسى الطاروف بطل الرواية و محورها ورث عن ابيه راشد الجنسية الكويتية و اسمه و صوته ، بينما و ورث عن أمه شكلها و ملامحها الآسيوية مما جعله غير منتمٍ للمجتمع الكويتي بسب هذا الشكل الآسيوي .
صراع الذات الذي وقع فيه عيسى الطاروف في الهوية و المجتمع لسبب لا دخل له فيه ، دمه و اسمه و جنسيته الكويتي المتوارث و المكتسب عن جهه الأب ، و الشكل و اللسان و الدين الموروث و المكتسب من قبل الام ، جعله في دوامة الصراع تحت ضغط مجتمع خليجي لا يرحم . ...more
الرواية الحائزة على جائزة البوكر في نسختها الثانية للأديب و المفكر المصري يوسف زيدان ، خبير المخطوطات التاريخية في جامعة الاسكندرية . الرواية العزازيل
الرواية الحائزة على جائزة البوكر في نسختها الثانية للأديب و المفكر المصري يوسف زيدان ، خبير المخطوطات التاريخية في جامعة الاسكندرية . الرواية الثانية ليوسف زيدان بعد الرواية الاولى الرائعة ظل الأفعى ، تناولت حقبة الصراع الديني الديني مابين الوثنية السائدة في حينها و بين المسيحية التي اطلت برأسها بعد تبنيها من قبل الإمبراطور الروماني قسطنطين في القرن الثالث الميلادي .
عزازيل هو اسم من أسامي الشيطان ، و سُميت الرواية باسمه لان عزازيل ما انفك يوسوس في راس الراهب المصري هيبا طول كتابة الرقوق . و ظهور عزازيل اقتصر طوال كتابة الرقوق على محادثات جانبية و طفيفة ، و شهدت المرحلة الاخيرة للرواية ظهور عزازيل بشكل و اضح و جلي ، و محاورته للراهب هيبا اثناء فترة مرضه و الوعكة الصحية التي إصابته .
هيبا الرهب المصري الذي أنهكه القلق و ساورته الشكوك في ديانته ، ارتحل من مدينته نجع حمّاد الجنوبية و متوجها الى الشمال حيث مدينة الاسكندرية معقل العلم و العلماء . أراد من مكوثه في مدينة الاسكندرية ان يتعلم الطب و ان ينتهل من العلوم ، وهناك تعرف على الأرملة اوكتافيا الوثنية التي أدخلته جنة المجون لثلاث ايام بلياليها.
و في مدينة الاسكندرية ، شهد احداث تاريخية مهمة و هي ثورة الرعاع المسيحيين ضد الوثنيين الاسكندرانيين ، و حرق مكتبة الاسكندرية العريقة و التي تحوي نفائس الكتب و المخطوطات ، و قتل العالمة الفلكية الرياضية هيباتيت و التي زهقت روحها بصورة بشعة و وحشية . و قد اختار الراهب هيبا اسمه اشتقاقاً من اسم العالمة هيياتيا ، التي تأثر بها بصورة واضحة اثناء مكوثه و إقامته في مدينة الاسكندرية .
الرواية الأدبية كتبت على لسان الراهب هيبا ، بصيغة سردية مينلوجيا ، و هي شخصية خيالية من صنع الكاتب يوسف زيدان ، لكن الأحداث التاريخية و المناطق الجغرافية هي حقيقية .
الرواية تعدّ تاريخية لزمن غابر ، تكشف للقارئ صراع الأديان المرير ، و تطور الفكر الديني المسيحي فيحينها ....more