أعلنت حكومة تصريف الأعمال في سوريا تغيير أسماء العديد من المنشآت الصحية والتعليمية في البلاد، بعد أن ظلّت لعقود ترتبط بالنظام السابق، سواء بحزب البعث، أو عائلة الأسد التي سيطرت على مقاليد السلطة حتى فرار بشار الأسد إلى موسكو.
ومنذ انقلاب حافظ الأسد عام 1970، ومن ثم سيطرته على حزب البعث وتوليه الرئاسة رسمياً بعد ذلك بعام، بدأت سوريا تتجه نحو نظام شمولي يتصدر فيه الحزب والقائد كل مناحي الحياة، وحتى وفاة باسل الأسد، الابن الأكبر للرئيس عام 1994، كانت الكثير من المؤسسات والمنشآت تحمل اسم الأسد، من وشوارع وجسور وساحات ومستشفيات ومدارس وملاعب ومكتبات، إلى جانب انتشار عشرات التماثيل لحافظ الأسد في كافة المناطق السوري، وبعد سقوط النظام مؤخراً تعرض الكثير من تلك التماثيل للتدمير.
إرث البعث والأسد
حتى منتصف التسعينيات تقريباً كان حافظ الأسد يقوم بإعداد ابنه الأكبر ليرث الحكم من بعده، ولطالما سلّطت وسائل الإعلام الرسمية الضوء نحو باسل الأسد، ليسطع نجمه باعتباره النموذج والقدوة للشباب السوريين، وأطلقت عليه العديد من الألقاب، لعلّ أبرزها "الفارس الذهبي" نسبة إلى رياضة ركوب الخيل التي كان يمارسها.
لكن وفاة باسل المفاجأة في حادث سيارة خلال مارس 1994، شكّلت صدمة كبيرة لأسرته بشكل عام ووالده بشكل خاص، ما دفع حافظ الأسد إلى تغيير خطة التوريث نحو ابنه الثاني بشار، وسرعان ما اتُخذت القرارات لإحياء ذكرى الشاب الذي رحل عن عمر 32 عاماً، وكان أول القرارات اعتماد مسمى "الشهيد باسل الأسد"، رغم أن وفاته جاءت جراء حادث سير.
وسرعان ما بدأ تشييد التماثيل لنجل حافظ الأسد الأكبر، وحيداً أو على ظهر حصان، إضافة إلى تغيير اسم بعض المنشآت لتحمل اسمه، مثل "مدينة باسل الأسد الجامعية" في دمشق، و"مستشفى الباسل" في عدد من المحافظات، ومطار "باسل الأسد" في اللاذقية، إلى جانب إنشاء مساجد ومتاحف ومنشآت باسمه.
ولم يكن اختيار الأسماء يتوقف على عائلة الأسد وأفرادها، فقد كان لحزب البعث وشعاراته نصيب أيضاً من هذه الظاهرة، فهناك مثلاً مدينة البعث في القنيطرة، وجامعة البعث في حمص، وسد البعث في الرقة، وصحيفة "البعث" الرسمية، إلى جانب صحفية "الثورة" و"تشرين"، وغيرها من المؤسسات.
وبموازاة ذلك، تصدّرت صور رئيس النظام السابق بشار الأسد المشهد السوري، فلا يوجد شارع أو حي خالٍ من صوره بالزي العسكري أو اللباس المدني، وكل من يزور سوريا أول ما يلفت انتباه منذ أن تطأ قدماه مطار دمشق الدولي هو اللافتات والجداريات واللوحات التي الخاصة بأفراد عائلة الأسد.
وكانت أسماء الأندية الرياضية في سوريا هي الأخرى تدور في فلك النظام الحاكم، فهناك أندية كرة القدم على غرار "الاتحاد" و"الجيش" و"المجد" و"الوحدة" و"تشرين"، وهذا الأخير يُمثل دلاله إلى الشهر نفسه الذي وقعت فيه حرب أكتوبر 1973 مع إسرائيل، إضافة إلى ما يُسمى "الحركة التصحيحية"، وهي انقلاب نفّذه حافظ الأسد في نوفمبر عام 1970.
وهكذا، سيطرت مسميات البعث والأسد والباسل على المشهد السوري بشكل عام لحوالي 53 عاماً، حتى سقط النظام يوم 8 ديسمبر، لتبدأ القيادة الحالية حملة تغيير هذه المسميات بما يتناسب مع المرحلة الجديدة التي دخلت فيها البلاد، كما ضجّت وسائل الإعلام ومواقع التوصل الاجتماعي بصور ومقاطع تُظهر تحطيم تماثيل حافظ الأسد وابنه باسل في كل المناطق السورية.
تغيير أسماء المستشفيات
وزارة الصحة في حكومة تصريف الأعمال السورية، قررت تعديل أسماء 14 مستشفى في البلاد، من بينها "الهيئة العامة لمشفى الأسد الجامعي" بدمشق ليصبح "المستشفى الوطني الجامعي"، وتغيير اسم "مستشفى جامعة البعث" إلى "مستشفى حمص الجامعي".
ومن بين المنشآت الطبية التي طال اسمها التغيير، "مشفى باسل الأسد" بالقرداحة، في مسقط رأس رئيس النظام السابق، إذ أصبح "المستشفى الوطني بالقرداحة".
وكذلك تم تعديل اسم "مستشفى الباسل" في منطقة السخنة بمحافظة حمص إلى "المستشفى الوطني بالسخنة"، و"مستشفى باسل الأسد بالقريتين" ليصبح "المستشفى الوطني بالقريتين"، و"مستشفى الباسل الوطني" في تلكلخ ليصبح "المستشفى الوطني في تلكلخ"، وتم تغيير اسم الهيئة العامة لمشفى الباسل الجراحة القلب بدمشق إلى "مستشفى دمشق لأمراض وجراحة القلب".
وقررت وزارة الصحة السورية أيضاً تعديل تسمية "الهيئة العامة لمشفى الأسد الطبي" بحماة إلى "مستشفى التوليد والأطفال" بحماة.
وفي محافظة السويداء، تم تغيير اسم الهيئة العامة لمشفى الباسل بصلخد إلى "المستشفى الوطني" بصلخد، وفي حلب تغيّر اسم "الهيئة العامة لمستشفى باسل الأسد الأمراض وجراحة القلب" إلى "مستشفى حلب لأمراض وجراحة القلب".
أما بالنسبة للجامعات، فقد أصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال المهندس محمد البشير قراراً بتعديل تسمية جامعة تشرين في محافظة اللاذقية لتصبح " جامعة اللاذقية "، وتسمية جامعة البعث في محافظة حمص لتصبح "جامعة حمص".
ومن المتوقع أن تواصل القيادة السورية الجديدة عملية إزالة كل ما يمت بصلة إلى النظام السابق من أسماء منشآت ومسميات وجداريات ولافتات، وهي مهمة قد تستغرق بعض الوقت، لأن إرث البعث وعائلة الأسد يمتد لنحو 6 عقود.