يختلف الخبراء بشأن الأساليب والاستراتيجيات التي قد تستخدمها الصين والولايات المتحدة في حالة قررت بكين غزو تايوان، لكنهم اتفقوا على أن الطائرات المسيّرة ستلعب دوراً محورياً في الصراع بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وتوصلت دراسة أجْرتها جامعة "جورج تاون" الأميركية عام 2023 بشأن الإنفاق العسكري المرتبط بالذكاء الاصطناعي إلى أن أكثر من ثلث العقود المعروفة الصادرة عن الخدمات العسكرية الأميركية والصينية على مدى 8 أشهر في عام 2020 كانت لأنظمة ذكية غير مأهولة، وفق موقع EurAsian Times.
ويطوّر الجيش الصيني أكثر من 50 نوعاً من الطائرات المسيّرة بقدرات متفاوتة، ويجمع أسطولاً من عشرات الآلاف من هذه الطائرات، وهو ما قد يكون أكبر بعشر مرات من تلك التي تمتلكها تايوان والولايات المتحدة مجتمعتين.
وبعيداً عن برامج تطوير طائرات الجيل السادس، أظهرت الولايات المتحدة والصين شغفاً والتزاماً واضحيْن بتشغيل طائرات مسيّرة تعمل بجانب الطائرات المأهولة تحت مسمى "الأجنحة المخلصة" (Loyal Wingmen).
ويمكن تشبيه دور "الجناح المخلص" بالنسبة للمقاتلات المأهولة من الجيل السادس على أنها "حراس شخصيون" مدعومون بالذكاء الاصطناعي سيحلقون جنباً إلى جنب مع الطيارين البشريين، ما يزيد من وعيهم بالموقف ويساعدهم في المهام المعقدة بأقل قدر من المخاطر.
طائرة متعددة المهام
تعمل الصين على تطوير طائرة مسيّرة من طراز Feihong FH-97A. وتم الكشف عنها في "معرض تشوهاي الجوي" في جنوب الصين، وهي شهادة على أن بكين تتحرك بسرعة لكسب الصدارة على الولايات المتحدة.
وجرى تطوير الطائرة FH-97A من قِبَل شركة Aerospace Times Feihong Technology وهي مصممة لـ"قتال المواجه عالي الكثافة وطويل الأمد".
وقالت الشركة إن الطائرة ستتمتع بقدرات متعددة الأوجه وستكون قادرة على قيادة أسراب من الطائرات المسيّرة الأصغر حجماً والعمل كـ "جناح" للطائرات المقاتلة الشبحية المأهولة، مع سيطرة طيار المقاتلة على طائراته والطائرة المسيّرة المرافقة له.
وتُلبّي طائرة FH-97A المسيّرة الاتجاهات الأربعة (الرئيسية) في تطوير الأسلحة، فهي غير مأهولة، وصغيرة الحجم، وذكية، وخفية.
وتاريخياً، استُخدم مصطلح "مساعد الطيار" (Wingman) لأول مرة لوصف النمط الذي تحلق به الطائرات في المعركة.
فبينما تحلّق الطائرة الرائدة في التشكيل، تطير طائرة أخرى إلى اليمين وخلفها قليلاً. ويتولى هذا الطيار الثاني، المعروف باسم مساعد الطيار، حماية الطائرة الرائدة.
وتشير التقارير إلى أن برنامج الطائرات المسيّرة الصينية أكثر تقدماً من البرنامج الأميركي. وتم الكشف عن نماذج أولية وربما خضعت لاختبارات أولية. تماماً مثل الولايات المتحدة، فإن الصين تركز أيضاً على التطبيقات البحرية.
وجرى الكشف عن الطائرة الصينية المسيّرة FH-97A منذ فترة، والتي يُطلق عليها جهود الصين لنسخ التكنولوجيا والأساليب الأميركية، بحسب موقع EurAsian Times.
وتم وصف النسخة المطورة من الطائرة FH-97 بأنها قادرة على العمل طوال اليوم وفي جميع الأحوال الجوية، ويمكنها دعم مهام الاستطلاع والهجوم أثناء التحكم فيها من قمرة القيادة لمقاتلة مأهولة.
محاكاة قتالية
في محاكاة قتالية حديثة أجراها علماء صينيون بين مقاتلة أميركية من طراز F-22 وأخرى صينية من طراز J-20، تفوقت المقاتلة الصينية بنسبة تجاوزت 95%.
ويعزى هذا الأداء إلى قدرة المقاتلة J-20 على التعاون مع طائرتين إلى 3 طائرات مسيّرة.
ويمكن للطائرات المسيّرة المرافقة لمقاتلة الجيل الخامس الصينية استكشاف العدو، وجذب النيران من طائرة F-22، وشن هجمات متعددة الاتجاهات بينما كانت طائرة J-20 التي يقودها الإنسان تسدد الضربة الحاسمة.
وأصبحت الطائرة الصينية المسيّرة GJ-11 'Sharp Sword'، المصممة لمهام الهجوم والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، مرتبطة بشكل متزايد بالعمليات المستقبلية مع المقاتلات الشبحية J-20 المأهولة والنشر المحتمل من حاملات الطائرات التابعة للبحرية الصينية.
وتعمل الصين على تكثيف تطوير طائرة GJ-11، وهي طائرة مقاتلة مسيّرة ذات أجنحة خفية.
وعلى النقيض من الصين، حوّلت الولايات المتحدة تركيزها إلى طائرات مسيّرة أقل تكلفة تهدف إلى العمل بشكل وثيق مع الطائرات المأهولة، ما ترك فجوة ملحوظة في تطوير الطائرات المسيّرة ذات الأجنحة الخفية.
ويشير هذا التباعد الاستراتيجي إلى تحوُّل كبير في تكنولوجيا القتال الجوي، حيث من المحتمل أن تكتسب الصين ميزة في قدرات التخفي بدون طيار.
وتعمل كافة القوى العسكرية الكبرى في العالم حالياً على تنفيذ مشروع "الأجنحة المخلصة".
ويبدو أن أنظمة "الأجنحة المخلصة" الصينية، مثل الأنظمة الروسية، مصممة للتركيز على مستوى منخفض من قابلية الرصد.
وتستثمر الصين بكثافة في تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز استقلالية أنظمة "الأجنحة المخلصة".
ويتوقع أن تعمل هذه الطائرات المسيّرة بشكل شبه مستقل أو ذاتي، وتتخذ قرارات في الوقت الفعلي أثناء المهام وتتكيف مع ظروف ساحة المعركة المتغيرة.
كما تسعى الصين بنشاط إلى تصدير تقنيات الطائرات المسيّرة. ويتوقع أن تلعب أنظمة "الأجنحة المخلصة" الصينية دوراً مهماً في استراتيجيتها العسكرية وإبراز قوتها الإقليمية في السنوات المقبلة.
ويشبه مفهوم FH-97 طائرة Valkyrie التي تطورها الولايات المتحدة. ولا تزال المعلومات حول هذا المشروع قليلة للغاية، لكن من المتوقع أن تتمتع "الأجنحة المخلصة" الأميركية بقدرات تعتمد على الذكاء الاصطناعي للقيام بعمليات مستقلة، وقدرات هجومية لتجاوز دفاعات العدو، وحجرات حمولة معيارية للتكيف مع مهام متعددة.
وبالإضافة إلى ذلك، يُنظر إلى الطائرة الصينية Wing loong-10 باعتبارها "طائرة مقاتلة مخلصة محتملة"، حيث تتميز بأنظمة حرب إلكترونية متقدمة وحجرات أسلحة معيارية.
طائرات القتال التعاونية
وتحتفظ الولايات المتحدة ببرنامجها الخاص للطائرات المقاتلة التعاونية المعروف بـ CCA. وستشتري القوات الجوية الأميركية 1000 طائرة من هذا النوع، اثنتان لكل من طائرات F-35 البالغ عددها 300 طائرة، و200 مقاتلة من الجيل التالي المخطط لها.
وتخطط القوات الجوية الأميركية حالياً لتشغيل المزيد من الطائرات المقاتلة التعاونية لكل مقاتلة مأهولة.
وبما أن تطوير طائرات الجيل السادس المقاتلة أصبح مكلفاً، يُتوقع أن تعمل طائرات "الأجنحة المخلصة" على زيادة التغطية الجغرافية للقوات الجوية الأميركية.
وعلى سبيل المثال، يمكن لطائرة مسيّرة تابعة لـ"جناح مخلص" أن تغطي منطقة بأكملها باستخدام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، واختبار وإرباك الدفاعات الجوية للعدو، وتشويش اتصالات العدو، وحتى شن ضربة هجومية عندما يتم توجيهها من قبل الإنسان، في حين تعمل الطائرات المقاتلة المأهولة على مسافة بعيدة أكثر أماناً لأداء القيادة والسيطرة.
وسيتسلم الطيارون العسكريون الأميركيون قريباً الدفعة الأولى من "الجناحين المخلصين"، الذين سيراقبون ظهورهم ولن يتراجعوا عن الأهداف المحددة لهم.
وتعمل القوات الجوية الأميركية على تضييق نطاق البائعين لتصنيع طائرات مسيّرة للطيران إلى مناطق القتال جنباً إلى جنب مع الطائرات المقاتلة المأهولة بحلول أوائل عام 2025.
ومع التفوق الجوي المحوري للهيمنة العسكرية الأميركية، تقدم CCA قدرة مقاتلة موسعة بتكاليف مخفضة وجداول زمنية قابلة للتكيف.
وفي أبريل الماضي، أعلنت القوات الجوية الأميركية اختيار شركتي Anduril وGeneral Atomics لمواصلة تصميم وبناء واختبار أول دفعة من طائراتها المسيّرة.
وتعمل الولايات المتحدة والصين أيضاً على تطوير طائرات مسيّرة برية وبحرية مختلفة، مثل الروبوتات الصينية التي يطلق عليها اسم "ذئاب الصين".
ويمكن لهذه الآلات المسلحة بالبنادق الهجومية أن تعمل في مجموعات. وصُممت لتطهير الشواطئ من القوات الدفاعية، وهي القدرة التي قد يكون لها تداعيات على أي صراع حول تايوان.